الاثنين، 27 أكتوبر 2025

رحلة الهادي مزياني في خدمة الثقافة الأمازيغية

 

     بالإيمان نستطيع أن نحرك الجبال               

رحلة الهادي مزياني في خدمة الثقافة الأمازيغية                                                           بقلم: عمار سيدر             Aoumar Sider


في مجتمع يسوده فكرٌ إقصائي لا يقبل التعدد، يصبح الحفاظ على الاختلاف موقفًا بطوليًا. هو أشبه بالإبحار عكس تيار نهرٍ عاصف. أن تختار هذا الطريق طوال حياتك يعني أن تمتلك إيمانًا عميقًا بما تفعل. وهذا ما جسّده الهادي مزياني، ابن بسكرة من منطقة الأوراس، الذي كرس عمره وجهده للاعتراف بالثقافة الأمازيغية، ولإحياء لغتها .كتابةً وتدريسًا ونشرًا .

ظلّ وفيًّا لهدفه لعقود طويلة دون أن يغيّر اتجاهه، ثابتًا كالنجمة التي لا تضلّ مسارها، متمسكًا بمبادئه رغم التحديات ومغريات الدنيا. ومع مرور الوقت، تغيّرت الموازين لصالحه. فبعد أن كان يُعدّ صوتًا على الهامش أصبح اليوم أحد أبرز وجوه الثقافة الأمازيغية. وهو اعتراف لم يسعَ إليه، بل جاء ثمرةً لمسيرته الطويلة. فقد كرّمه مركز البحث في اللغة والثقافة الأمازيغيتين بجامعة بجاية بمنحه شرف التكريم الوطني خلال الصالون الوطني الثاني للكتاب الأمازيغي، المنعقد من 18 إلى 22 أكتوبر 2025 بـدار الثقافة طاوس عمروش ببجاية.









وفي حفلٍ حضره جمع غفير، أشاد الحاضرون بإنسانيته ووفائه لقيمه الثقافية، وابتعاده عن المادية التي أفسدت كثيرين. وفي ختام الحفل، أُهدي له برنوس أبيض، رمزًا لنقاء قلبه وصفاء نواياه 
.

في حديثٍ جمعنا به، أجاب الهادي مزياني بتواضع عن أسئلتنا حول هذا التكريم ومسيرته الطويلة:

 عمار سيدر:  نحن في الصالون الوطني للكتاب الأمازيغي ببجاية، في دورته الثانية التي خصّتك بتكريم مميز ماذا يعني لك هذاالاعتراف؟

الهادي مزياني: أشعر بسعادة كبيرة أن يُعترف بجهودي وأنا على قيد الحياة. هذا التكريم لا يخصني وحدي، بل هو
تقدير لكل من ناضل من أجل أن تُعترف الثقافة الأمازيغية وهويتها، ولكل من ساهم في إحياء لغتنا لتُكتب وتُعلَّم وتُنشر. لقد هيّأنا الطريق لأجيالنا القادمة، واليوم تقع عليهم مسؤولية مواصلة العمل. أنا ممتن لهذا التكريم، فهو يمنحني دفعة جديدة لدعم الكتّاب الشباب بالأمازيغية. لم نحقق بعد كل ما نطمح إليه، لكني مؤمن بأن أبناءنا سيكملون المشوار ويجنون ثماره
.

                              ع . س : حصولك على هذا التكريم في حياتك يجعلك مثالًا يُحتذى للشباب
ل . م : بالتأكيد
، هذا سيشجع الشباب على الإصرار والعمل بإخلاص، لأن الجهد الصادق لا يضيع، والمثابرة تثمر مهما طال الزمن.

ع. س : لم تكن وحدك في هذا النضال من أجل الأمازيغية في منطقتك؟
ل. م : بالطبع لم أكن وحدي. كان هناك رجال كُثر حملوا الراية معي، مثل
 ؤنيسيمحمد  الصالح،، الرائد في الأوراس صاحب اثني عشر كتابًا بالأمازيغية، ومرادسي محمد، المؤرخ والمناضل البارز في سبيل القضية، وسليم سهالي، وغيرهم كثير ممن لا يسعني ذكر أسمائهم جميعًا. كل واحد منهم ساهم من موقعه في بناء هذا الصرح الثقافي.

المخصصة للأعمال المكتوبة باللهجة الشاوية. كيف جاءت الفكرة؟  (Anẓar) ع.س: أنشأتُم دار النشر أنزار
ل.م: بعد أن لاحظنا وجود عدد كبير من المخطوطات غير المنشورة — نحو أربعين — قررنا إنشاء دار أنزار لتتولى نشرها. كانت هناك بالفعل دور نشر في منطقة القبائل والعاصمة تعمل على نشر كتب بالأمازيغية، لكنها لم تكن مؤهلة للتعامل مع النصوص الشاوية بسبب عدم إتقان لجان القراءة لهذه اللهجة. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء دار نشر متخصصة يقودها فريق يتقن الشاوية
.

ع . س : وكم عملاً نشرتم حتى اليوم؟
ل.م: نشرنا اثنين وثلاثين كتابًا من أصل واحد وأربعين مخطوطًا، تعود إلى ثمانية عشر كاتبًا

ع. س : نتمنى لك ولزوجتك — التي تشاركك هذا الإخلاص — دوام الصحة والعطاء لمواصلة هذا المشروع الثقافي النبيل فالثقافة الجزائرية، والأمازيغية خصوصًا، ما زالت بحاجة إلى جهودكما الكبيرة
.

             

مقالات أخرى