الأربعاء، 28 أغسطس 2024

تاريخ الاوراس من العصر الحجري الى بداية القرن العشرين


قراءة في كتاب: تاريخ الاوراس من العصر الحجري الى بداية القرن العشرين

             من اعداد: الهادي مزياني

تمتد الجذور التاريخية لمنطقة الأوراس إلى العصر الحجري، إذ شهدت هذه المنطقة استيطانًا بشريًا مبكرًا خلف آثارًا وأدوات حجرية تعكس نمط الحياة البدائية في تلك الحقبة. ومع تعاقب العصور، تطور المجتمع في الأوراس تدريجيًا تحت تأثير الحضارات المختلفة، بدءًا من الحضارة النوميدية والفينيقية، وصولًا إلى الحكم الروماني والبيزنطي. في العصور الوسطى، لعبت المنطقة دورًا بارزًا خلال الفتح الإسلامي وتأسيس دول محلية بربرية. أما في العصور الحديثة، فقد شهد الأوراس تحولات جذرية، من الاحتلال العثماني إلى الاستعمار الفرنسي الذي استمر حتى القرن العشرين.

 تناول هذا الكتاب الذي ألفه الدكتور عبد الفريد عبد السلام، بعنوان "تاريخ الأوراس من العصر الحجري إلى بداية القرن العشرين"، دراسة شاملة عن تاريخ المنطقة. وقد استعرض المؤلف خلاله نصوصًا تاريخية ومعرفة ميدانية لمواقع شهدت أحداثًا تاريخية بارزة. قُسِّم الكتاب إلى ثلاثة فصول وفق التسلسل الزمني:

 1.  الأوراس في العصر القديم: يتناول بداية التاريخ وحضارة الإنسان القفصي، ثم نشوء الدولة النوميدية والفترات الرومانية والبيزنطية.

2. الأوراس في العهد الإسلامي: يبدأ من دخول الفاتحين إلى شمال إفريقيا وينتهي مع سقوط قسنطينة في يد الفرنسيين عام 1838م.

3. فترة الاحتلال الفرنسي: يُوثِّق بداية الحملة العسكرية الفرنسية على الأوراس عام 1844م، وهو نفس التاريخ الذي شهد تأسيس مدينة باتنة.

 يرى الكاتب أن تاريخ الأوراس، رغم أهميته، كُتب في الغالب من قبل الوافدين للمنطقة، سواء كانوا بيزنطيين أو عربًا أو مستعمرين فرنسيين، حيث كانت تلك الكتابات تميل إلى تحريف الحقائق أو تحقير السكان المحليين. لذا، يسعى هذا الكتاب إلى إعادة تصحيح الروايات التاريخية وتقديم رؤية موضوعية.

 كما تبنى الكاتب مصطلح "الأمازيغ" ليعبر عن الهوية التاريخية والثقافية لسكان الأوراس، معتبرًا هذا المصطلح أكثر دقة واحترامًا مقارنة بمصطلحي "الشاوية" و"البربر"، اللذين ارتبطا بدلالات سلبية في الكتابات القديمة. كما أكد أن "الأوراس" تم ذكره في نصوص قديمة تحت مسميات مختلفة، وحرص على استخدام الأسماء المحلية في كتابه لتعزيز الروابط الثقافية والجغرافية.

 في ختام الكتاب، يعرب المؤلف عن رغبته في إثراء المكتبة التاريخية الجزائرية، حيث اعتمد على مصادر موثقة بلغ عددها 198 مرجعًا، متيحًا للقارئ فرصة التعمق في تفاصيل تاريخ الأوراس، بعيدًا عن التفسيرات الذاتية والتأويلات غير الموثوقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقالات أخرى